منتدى على ناصف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى على ناصف

ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله و أخو الجهالة فى الشقاوة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله و أخو الجهالة فى الشقاوة
منتدى على ناصف يرحب بكم

 

 مقياس الشباب و الشيخوخة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 74
تاريخ التسجيل : 29/04/2011

مقياس الشباب و الشيخوخة  Empty
مُساهمةموضوع: مقياس الشباب و الشيخوخة    مقياس الشباب و الشيخوخة  Icon_minitimeالجمعة أبريل 29, 2011 6:56 pm



مقياس الشباب والشيخوخة

بقلم : على جمال الدين ناصف

قد جرت العادة أن الأطباء و علماء الأحصاء يقدرون الشباب بالسن ، فهو المقياس الذين يعتمدون عليه فى ذلك ، فمن بلغ سن العشرين أو قبل و بعد ذلك بقليل فهو شاب ، إن أردت أن تعرف المخلوق أطفل أم شاب أم شيخ ، ما عليك إلا أن تغمض عينك و تعد السنين ، و لا تنظر إلى قوة أو ضعف ، ولا إلى صحة أو مرض . كما سار على هذا النمط أيضا علماء اللغة ، فقالوا : مادام الإنسان فى رحم الأم فهو جنين ، فإذا ولد فهو وليد ، ثم إذا طقع الرضاعة فهو فطيم ، فإذا كان يجاوز عشر سنين أو جاوزها قليلاً فهو ناشئ ، فإذا كاد يبلغ الحلم أو بلغه فهو يافع و مراهق ، ثم ما دام بين الثلاثين و الاربعين فهو شاب ، ثم هو كهل إلى الستين .

إلا أنه هناك فئة و أنا منهم لا نعترف بأقوال الاحصائيين ، ولا أقول اللغويين ، فقد يسمى فى عرفنا الشيخ شاباً متى حاز صفات الشباب ، و قد يسمى الشاب شيخاً إذا حاز صفات الشيوخ ، فالعبرة عندنا فى التسمية بالصفة لا السن ، فهى من غير شك نظرة جريئة و مذهب جديد ينظر فيه إلى الكيف لا إلى الكم ، و إلى النتائج لا إلى المقدمات ، و إلى الغاية لا إلى الوسيلة .

و لعلنا رأينا يأتى من أن إذا قسنا العلم و قسنا الكفاية ، و قسنا الخلق و الصلاحية للأعمال لم نرجع فى شئ من ذلك إلى السن ، بينما نرى أنه من المستهجن إذا قيس الشباب و الشيخوخة رجع إلى السن ..!! فهى بذلك ترى أن السن ليس مقياسا للشباب ، و إنما فى أحسن الأحوال ، هو علامة للشباب ،،، و قد تختلف العلاقة كحكمنا على الرجل بالعلم لأن لديه شهادة البكالوريوس فى الاقتصاد أو الليسانس فى الحقوق ، و قد يكون لديه الماجستير أو الدكتوراة و ليس بعالم ..!! كما يكون الرجل فى سن العشرين وليس بشاب. إن الشباب أو الشيخوخة معنى لا مادة ، فقد تعلمنا فى مدرسة الحياة ومن قوانينها أن المادة تقاس بمادة ، و المعنى يقاس بمعنى ، فنحن نزن التفاح المادى بالكيلو المادى ، و نقيس اللبن المادى باللتر المادى ، و نقيس أبعاد الحجرة المادية بالمترالمادى ، ولكن من السخف بمكان أن نقيس الفضيلة أو الجمال أو القبح ، بالكيلو أو اللتر أو المتر ، فلم نقيس الشباب و هو معنى بالسن وهى مادة ؟؟ ولو قمنا بتدقيق النظر إلى المقياس الصحيح للشباب ، سنجده هو محصله لمجموع قوى نفسية ، هو حاصل جمع لصفات خلقية ، إن شئت فقل هى إرادة قوية تعزم العزم لا رجوع فيه ، و ترمى إلى الغرض لا سبيل إلا إليه ، تعترضالصعاب فلا تأبه لها ، وقد تقر بصعوبه الأمر ، ولكن لا تقر بإستحالته ، و الشاب هو العاطفه القوية المتحمسة الصحيحة ، و مظاهر صحتها أنها ثابتة ، و ليست مائعة مضطربة تذهب تارة يمينا و اخرى يسارا من غير غرض يحدد إتجاهها ، وليست مائعة تحب فتذوب فى الحب ، و تغضب فتجن فى الغضب ، ألجمها بعض الإلجام .. العقل و المصلحة و الغرض .

و الشباب هو أيضا الخيال الخصب الواسع الأفق المترامى الأطراف الذى يرسم الأمل و يبحث على الطموح ، و يحمل المرء على أن يتطلب لنفسه ولأمته حياة خيرا من حياتها الواقعية .. هذا المزاج الذى يتجمع من إرادة قوية و عاطفة حية و خيال خصب هو الشباب ، وبمقدار قوتها و تلاؤمها تكون قوة الشباب ، و بمقدار نقصها تكون الشيخوخه ، فإن شئت قلت أن الشباب موجب و الشيخوخه سالبة ، و الشباب إقدام والشيخوخة إحجام ، والشباب نصرة و الشيخوخة هزيمة ..!!

و كما فى الماضى إعتادت الناس و جعلت الرأس من علامات الشيب والشباب ، فسواد الشباب و بياض المشيب و ما جرى عليه القول فى الشيخوخه و الشباب و هو أيضا مركز القول عند الشعراء و الأدباء حتى ألفوا فى ذلك الكتب الخاصة ، و من أشهرها كتاب " الشهاب فى الشيب و الشباب " ، أما علامات الشباب و الشيخوخة فى رأينا فليس موضعها الرأس ، لأن موضعها القلب ، فاليأس شيخ لأن اليأس ضعف فى الارادة و ضيق فى الخيال و برودة فى العاطفة ، و الشيب شيب فى القلب لا شيب الرأس ، فمن لم ينفعل لمواضع الانفعال ، ولم يعجب من مواضع الاعجاب ، ولم يستكره فى مواضع الاستكراه ، و لم ينازل فى مواضع الكفاح ، ولم يطرب للموسيقى الجميلة و المنظر الجميل ، ولم يهتج للأحداث ، و لم يأمل و لم يطمح، فهو شيخ أى شيخ ، شاب قلبه و إن كان أسود الرأس حالكه .

فإن أردت أن تعرف أشيخ أنت أم شاب ، فسائل قلبك لا رأسك : هل ينفعل لذلك انفعالا قويا فيهيم و يغار و يدافع و يضحى ؟ هل يتصل بالعالم فيتلقى أمواجه الأثيرة من الناس ، و من الأرض ، و من البحر و من الجبل ، و من السماء ، ثم يلقى بأشعته .. كما تلقى .. على كل من حوله ، فينفعل و يفعل ، و يتأثر و يؤثر ، فهو كالقمر يتلقى من الشمس ضياء وهاجاً ، و يعكسه على الأرض نوراً وضاءً ؟ هل يبادل من حوله حباً بحب ، عاطفة بعاطفة ، و خيراً بخير ، وأحياناً شراً بشر ؟ و هل يترك العالم خيراً مما تسلمه ؟ أو أنه قلب بارد كالثلج ، جامد كالصخر ، لا طعم له كالماء ، ميت كالجماد ، مغلف كالخرشوف ، إن كان الثانى فشيخ ، و إن كان الأول فشاب .

alynassef@yahoo.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alynassef.yoo7.com
 
مقياس الشباب و الشيخوخة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى على ناصف :: مقالات-
انتقل الى: