منتدى على ناصف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى على ناصف

ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله و أخو الجهالة فى الشقاوة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله و أخو الجهالة فى الشقاوة
منتدى على ناصف يرحب بكم

 

 القيمة الذاتية للثقافة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 74
تاريخ التسجيل : 29/04/2011

القيمة الذاتية للثقافة  Empty
مُساهمةموضوع: القيمة الذاتية للثقافة    القيمة الذاتية للثقافة  Icon_minitimeالجمعة أبريل 29, 2011 6:45 pm

القيمة الذاتية للثقافة
بقلم : على جمال الدين ناصف

يبدو أن للثقافة قيمة ماليه مقررة ، فالبكالوريوس أو الليسانس ، و الدبلوم ، والماجستير، و الدكتوراة ، و ما إلى ذلك من الأسماء ، هى عنوان للثقافه ، و بمعنى آخر هى تتويج لسنين قضيت فى تحصيل العلم . و يأتى التقدير المالى فيقدر هذه الدرجات بالجنية ، و بالتالى يجعل لكل منها قيمة مالية خاصة ، و له العذر فى ذلك أن يفرق بين الدرجات ، و أن يسوى بين حاملى الدرجة الواحدة و إن اختلفوا فى مقدار الثقافه ، هذا لأنه لم يخترع بعد مقياس دقيق يزن به الفكر و مقدار استعداده وزنا صحيحا ، و لو كان قد أخترع هذا الميزان لكانت ألغيت الدرجات ، و يكتفى بوزن الكفايات ، كما نجد للثقافة أيضا قيمة إجتماعية ، تتجلى فى أنها ترفع من كان من طبقة وضيعة ، إلى أن يكون احيانا مساويا لمن كان من طبقة رفيعة ، فقد يرى حامل الشهادة العليا نفسه و قد يرى معه الناس كذلك بأنه صالح لأن مثلا يتزوج من طبقة راقية ، مهما كان منشؤه و مرباه ، و قديما قال الفقهاء فى "باب الزواج " : إن شرف العلم فوق شرف النسب ، هذا و لن أسترسل فى هذا الشأن كثيرا ، لاننى لا يعنينى الأن الناحية المالية للثقافه ، ولا الناحية الاجتماعيه لها ، فكلاهما أمرين خارجيين ، لكن ما يعنينى هو هذا التساؤل الذى يطرح نفسه عن القيمة الذاتية للثقافة ؟ بعدما قررنا بأن المال و إحترام الناس عرض خارجى للثقافه ، كما أتساءل عن القيمة الثابته التى تتصل بنفس المثقف ولا تفارقها فى فقر وغنى ، و فى جاه أو غير جاه ؟

قد يبدو لى أن أهم قيمة لثقافة المثقف هى كيفية نظره إلى هذا العالم ؟ ذلك بأن عيون الناس فى نظرها إلى الاشياء و حكمها عليها لست سواء ، فعيونهم الحسية و إن اتفقت فى الحكم على الالوان بالاسود و الأبيض و الأحمر و الأصفر ، و كذلك إن أتفقت فى الحكم على الأبعاد قربا و بعدا ، و إن أتفقت ايضا فى الحكم على الأحجام كبرا و صغرا ...الخ ، فإن العيون النفسية لا تتفق فى نظرها ولا حكمها ، فالشئ الواحد فى نظر الأبله غيره فى نظر الفيلسوف ، و أحسب أن بين هذين درجات لا حد لها ، كما أنه ليس للشئ الواحد معنى واحد بل معان متعدده تتسلسل فى الرقى ، والناس يدركون من معانيه بحسب استعدادهم و ثقافتهم و أذواقهم . و قديما حكوا أن عيسى عليه السلام مر هو و أصحابه بجيفة ، فقالوا : ما أخبث رائحتها ! وقال هو : ما أحسن بياض أسنانها ! ، كما نرى إن نظر الرجل العادى إلى حديقة مزهرة غير نظر الأديب الفنان ، فالأول ينظر اليها نظرة مبهمة لا تسفر عن معنى ، ولا تعرف لها وجهة ، قد تكون نظرة بليدة جامدة ، لا يسعفها ذوق ، و لا تخدمه قريحه ، بينما الثانى فإن نظره اليها يقرأ فيها من المعانى و الجمال ما يمتزج بنفسه ، ثم يسيل على قلمة كأنه قطع الرياض ، فيبدو ذلك فى وصفه و كتابته و سمو ذوقة .

فكل شئ يعرض على العين سواء فى السماء أو الارض لا يحمل معنى واحد ، بل معانى متعددة ، و هنا تبدو قيمة الثقافة الذاتية فى أن تنقل العين من أنظار سخيفة و معان وضيعة ، إلى انظار بعيدة و معان سامية ، وكل إنسان له نظراته فى العالم من أسفل شئ إلى أرقى شئ ، من مادة تحيط به ومال يعرض عليه و أعمال تتعاقب أمام نظره ، و إله يعبده ، فقد يبدو فى ذلك سخيفا فى نظراته ، وضيعا فى رأيه ، وضيعا فى حكمة ، و قد يبلغ فى ذلك كله من السمو منزلة قل أن تنال ، و عمل الثقافه أن تنشله من تلك النظرات الوضيعه إلى النظارت السامية .

و ما نود التأكيد عليه أن نظرات الإنسان هى كسائل لطيف إذا لونت نقطة منه بلون شع اللون فى سائر السائل ، و إذا سخنت جزءا منه وزع حرارته على السائل كله حتى يتعادل ، بل الرأى و النظرات ألطف من ذلك و أدق و أرق ، فإذا رقى النظر إلى شئ أثر ذلك رقيا فى سائر النظرات ، هذا و من المؤكد بأن كل نظرات الحياة متأثرة بنظرك إلى نفسك و العكس ، بل نظرك إلى الله جل فى علاه يتأثر بنظرك إلى عالمك المحيط بك ، و هذا ما يجعل الثقافه فى أى ناحية من النواحى العلمية أو الادبية تؤثر أثرا كبيرا فى النواحى الأخرى حتى ما نظن أن ليست له صلة به ، و قد أصاب من قال : " إن رقى الإمة فى الموسيقى و تذوقها الصوت الجميل و الغناء الجميل يجعلها تتعشق الحرية و تأنف الضيم وتأبى المذلة " ، فمحيط المخ و العقل و الشعور محدود و شديد الحساسية ، كل ذرة فيه تتأثر بأقل شئ ، و تؤثر بما تأثرت . و الفكرة الجديدة قد تدخل فى الفكر فتقلبه رأسا على عقب ، و تجعل من صاحبه مخلوقا جديدا يقل معه وجه الشبه بينه و بين ما كان من قبل ، فإما تجعله فى أعلى عليين ، أو أسفل سافلين . و هنا تتجلى قيمة الثقافه الذاتية فى مقدار ما أفادت المثقف فى وجهة النظر إلى الأشياء ، و تقويمها قيما جديده أقرب إلى الصحة ، و ثقافة الأنسان لا تقدر بمقدار ما قرأ من الكتب و ما تعلم من العلوم و الآداب ، ولكن بمقدار ما أفاده العلم ، و بمقدار علو المستوى الذى يشرف منه على العالم ، و بمقدار ما أوحت إليه الفنون من سمو فى الشعور و تذوق للجمال و هذا ما يجعلنا نقر بأن أغلى ما فى الثقافه هى القيمة الذاتية لها .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alynassef.yoo7.com
 
القيمة الذاتية للثقافة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى على ناصف :: مقالات-
انتقل الى: