منتدى على ناصف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى على ناصف

ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله و أخو الجهالة فى الشقاوة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله و أخو الجهالة فى الشقاوة
منتدى على ناصف يرحب بكم

 

 الأمس و الغد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 74
تاريخ التسجيل : 29/04/2011

الأمس و الغد  Empty
مُساهمةموضوع: الأمس و الغد    الأمس و الغد  Icon_minitimeالجمعة أبريل 29, 2011 7:29 pm

الأمس و الغد


بقلم: علي جمال الدين ناصف

لى صاحب أنعم الله عليه بالثراء فى المال فكان يمتلك مصنعا كبيرا وضع فيه كلما يملكه من مال عن حصاد سنين العمر، فقد أصابه النار فأتى عليه بكامل هو قدرت خسائره بالملايين. فصاحبى هذا فى السنين الأخيرة من عمره ، ليس له قوة الشباب ولا أمل الشباب، إذ كانت ثروته الضائعة هى ثروة العمر وحصاد جهد و مجهود العمل... جاءه من يسأله عن هذه الكارثه وأسبابها ومقدارها، فأجابه: "لست أفكر فى شئ من ذلك، وإنما يملك علىٌ كل فكرى الآن: ماذا أنا صانع غدا".

لقد نال من إعجابى هذا الاتجاه العملى فى التفكير، فأنه دليل الحياة وعنوان القوة، ومبعث النشاط ، فما دمت حيا عليك أن تفكر دائما فى وسائل الحياة ووسائل السعادة فى الحياة، فتلك كلها أمامك لا خلفك وهى فى الغد لافى الأمس.

إن ما أجاب به صاحبى يؤكد أنه يمتلك عقليه أقوم مما ابتلعته النيران،ونفسية خالدة لا تفنى بفناء المال، لذلك يتبدى أمامنا أن الحياة الناجحة تفكر فى الغد والحياة الفاشلة تبحث فى الأمس، ولعلى فى هذا السياق أتذكر ما قالوه قديما "إذا أفلس التاجر فتش فى دفاتره القديمة". فلأمر ما خلق الله عز وجل الوجه فى الأمام ولم يخلقه فى الخلف ، وجعل بقدرته العين تنظر إلى الأمام ولا تنظر إلى الخلف، فقد يلوى الإنسان عنقه لينظر الى الوراء إذا دعت الضرورة، ثم يعود إلى سيرته الأولى وما كان عليه من النظر إلى الأمام ويمضى قدما لشأنه ، فإننا لم نرى إنسانا طبيعيا قد لوى عنقه بصفه دائمة ونظر الى الخلف دائما . وقد شاءت قدرة الله علينا أن يجعل لنا عقلا ينظر إلى الأمام وإلى الخلف معا، فيكون نظره للخلف وسيلة لحسن النظر إلى الأمام ، فالبعض من الناس ينظرون بعقولهم إلى الخلف وقد عكسوا الوضع فجعلوا النظر الى الخلف غاية لا وسيلة.

إن هؤلاء الناس ما إن حدثتهم فيما هم صانعون غدا، حدثوك عما صنعه أبائهم الأولون ، كيف كانوا محاربين ذو شأن عظيم ، كيف انتصروا فى أعتى المعارك وأشدها ، كيف سادوا العالم وتسيدوه ، و كيف وكيف.. الخ .

لا نختلف مع هؤلاء الناس فى ذلك كثيرا أنه حق لو أتخذ وسيلة لعمل مستقبل ، ولشحذ الهمه لعمل مستقبل ، أما أن يكون غرضا فى نفسهم ، فإنه يشكل حديث العجزة ومن أصابهم الفقر العقلى وضعف الإرادة.

فهؤلاء الناس اللذين يثيرون العداوات والاحقاد القديمة بين رجال الأمة و قادتها ، فإن طالبتهم أن ينظروا إلى الأمام ، تجدهم يأبون ألا يذكرون لك تاريخ وحزازات وسخائم الأمس ، وهم بذلك لا يدرون أنهم يعطلون مصلحة وخير المستقبل ، فليس من الصح أن ينظر فى الأمس إلا لتجنب أخطاء الغد ، والانتفاع بصواب الأمس وخطئه فى الغد.

إن هؤلاء الناس وقفت عقولهم واعتقادهم بأن كل شئ كان خيره فى الأمس وشره فى الغد ، فخير البلاغة عندهم ما قال به الجاحظ ، وخير الفلسفة عندهم ما قاله إبن سينا وأبن رشد والفارابى ، وخير النحو أيضا ما وضعه سيبويه ،وخير الأخلاق أخلاق آبائنا وخير صور الدنيا ما سبق من العصور، وأنه لم يتبقى فى هذا الزمن إلا الحثالة من كل علم وأدب وخلق... الخ ، وأنهم يعتقدون أن العالم كله سائر إلى التدهور فى الغالب ، فالامس خير من اليوم ،واليوم خير من الغد ، فهذه العقلية لا تنفع للحياة أو للجهاد أو لمن أرادوا أن يتبوءوا مكانا فى سلم الحياة ، إنما تنفع للفناء وما نحوه .

أن ما يجب أن ننشده هو المستقبل لا الماضى ، أن نسعى دائما إلى اللغة التى تصلح لنا و تؤدى مطالبنا فى الحياة هى فى المستقبل لا فى الماضى،فليس لنا فى الماضى إلا ما يصلح للمستقبل بعد أن ننقيه من غباره وإبعاد ماتعفن منه. فالخير دائما إن كنت فى ظلمة أن تأمل فى طلوع الشمس غدا من أنتذكر طلوعها بالأمس، فترقب طلوع الشمس غدا هو الامل والطموح إلى ما هو آت،وفى هذا معنى الحياة، وفى تذكرك طلوعها أمس حسرة على ما فات وألم من خيركنت أنت فيه إلى شر صرت فيه، وفى ذلك معنى الفناء.

أن شر ما نلحظه على هؤلاء الناس حنينهم الشديد إلى الماضى، لا أملهم القوى فى المستقبل، واعتقادهم أن خير أيامهم ما سلفت لا ما أقبلت،وإعجابهم الشديد بأعمال الماضى وإهمال الحاضر، أعتقد أن هؤلاء لهم منظاران: منظار مكبر يلبسه إذا نظر إلى الماض... ومنظار مصغر أسود يضعه إذا نظر إلى الحاضر والمستقبل، يتلذذون فى أن يطيل البكاء على الميت، ولايلذهم أن يتدبرون فيما يجب أن يفعله الأحياء. كل ذلك يلائم ما فى نفسهم من تعظيم الماضى وتحقير أو تدنية الحاضر والمستقبل ، أنهم يعيشوا فى أحلام ،ولا يريدون أن يعيشوا فى حياة واقعة، وحول هذه المعيشة الحالمة، تراهم ينسجون دائما ما يوافقها ويمازجها ويجاريها، ويكتفون بالأمل أن ينعموا بالآخرة ، وماذا عليهم إن عملوا لينعموا بالدنيا والآخرة .

alynassef@yahoo.com
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alynassef.yoo7.com
 
الأمس و الغد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى على ناصف :: مقالات-
انتقل الى: